الرئيسية / غير مصنف / 2- دفاعاً عن القرآن والناطق به محمد (ص) – د. علاء السالم

2- دفاعاً عن القرآن والناطق به محمد (ص) – د. علاء السالم

.
(2)
2- سبب الشك في المعتقد الديني:
.
لو استثنينا المريض والمبغض لكل ما هو إلهي وديني لا لشيء إلا لأنه يبغض الدين وكل ما يتصل بالله سبحانه، فالشك في الاعتقاد الديني – أي اعتقاد ديني – يعود لعدة أسباب أهمها – بنظري – سببين رئيسين:
.
الأول: الجهل، فما حوربت حقيقة ما بشيء أشد من الجهل بها، والجهل يمكن أن يتمظهر بعدة صور، منها:
.
– الجهل بحقيقة المعتقد:
فمثلاً: تراه يشكك ببعض آيات القرآن وسر إعجازه وعصمة الرسل وبعض ما يصدر منهم ويرتّب على شكوكه وإشكالاته ما يحلو له ترتيبه، وهو لا يعرف الصحيح من معنى الآيات ولا سر الإعجاز ولا العصمة ولا حدودها من الأساس.
.
– المنهج المغلوط:
لكل شيء أصول وحدود ومبادئ، ولا يشذ المنهج المتبع في السير البحثي والاستدلالي عن ذلك، فأيضاً له أسس منطقية يسير عليها، فمثلاً: المتشابه يرجع للمحكم لا العكس، وما ثبت باليقين لا يُنقض بشك وإنما ينقض بيقين مثله، والأصل إذا ثبت يقيناً فلا تتم محاكمته بفرع يتوهم شذوذه عنه، وإنما لابد – وفق المنهج العلمي والمنطقي – أن يطوّع الفرع ليلائم أصله، هذا إن كان قابلاً للملائمة وإلا يستحيل أن يكون فرعاً له بمعنى أنه يجب استئصاله وبتره؛ لأنه – والحال هذه – سيكون دخيلاً لا فرعاً حقيقياً.
.
هذه بعض البنود المنطقية التي يُفترض مراعاتها أثناء البحث والاستدلال ومحاكمة الآراء والمواقف، وستتضح بعض التطبيقات للبنود المذكورة لاحقاً.
.
الثاني: الخطأ في تشخيص الناطق الحقيقي والرسمي عن الدين، فمن الواضح أنّ محاكمة حقيقة ما – سواء كانت منهجاً أو معتقداً دينياً أو نظرية أو فرضية أو فكرة ما – وما يستتبع ذلك من اتخاذ موقف سلبي منها والتشكيك فيها، إنما تصح بعد فهمها ومعرفتها من قائلها وصاحبها الحقيقي الناطق بها، وليس من النهج العلمي والمنطقي في شيء أن تتم محاكمتها بناء على شرح وتفسير دخلاء ومتبرّعين بعيدين عن بيان المراد الصحيح والمقصود لصاحبها.
.
أعتقد أنّ مثل هذا الحق لا يثبت للدين الإلهي فحسب، ولكنه حق بديهي ثابت لكل النقابات والجمعيات والمنظمات والمؤسسات والحكومات في عالمنا اليوم ابتداءً من منظمة الأمم المتحدة وانتهاء بأبسط جمعية تدافع عن حقوق الحيوان، بل هو حق ثابت لعموم أفراد الجنس البشري عموماً أيضاً، فأنت إذا ما أردت معرفة الموقف والرأي الرسمي لمؤسسة ما – وحتى فرد ما – فهناك جهة محددة تحمل تخويلاً وتصريحاً رسمياً تمنح بموجبه – هي لا غير – حق إبداء الموقف الرسمي للمؤسسة وتفسير المشتبه منه، ولا تكون المؤسسة معنية بأي تصريحات أو تفسيرات أخرى يمارسها المحللون السياسيون أو غيرهم ممن يحاولون فهم موقفها او تفسيره من خلال التخمين أو تجميع بعض القرائن من هنا وهناك.
.
من يمتلك هذه الصفة في الدين الإلهي هو خليفة الله المنصّب من قبل الله لا غير، فهو الناطق الرسمي والوحيد الذي يحمل تخويلاً من صاحب الدين يحق له بموجبه التصريح باسم الدين وتحديد موقفه وتفسير ما تشابه من نصوصه وكذلك التعبير عن وجهة نظره الحقيقية حيال مختلف القضايا بما في ذلك قضايا الإنسان والحياة عموماً، والثابت – عقلاً ونقلاً – أنّ مثل هذا الناطق لا يخلو منه زمان.
.
بناءً على هذا، لا يكون الدين الإلهي معنياً أصلاً بتفسير وفهم علماء الأديان وما تستلزمه من أخطاء أو إشكالات أو تناقضات معرفية أو أخلاقية أو علمية وغير ذلك؛ لأن الله “صاحب الدين” لم ينصّبهم ويختارهم لأداء هذه المهمة، وبالتالي لا يؤاخذ الدين بجريرة أقوالهم وآرائهم، والإصرار على إلزام الدين الإلهي بها ابتعاد واضح عن النهج العلمي الرصين إضافة إلى كونه ظلماً وتعسفاً وعناداً ليس إلا، فمثلاً:
.
الدين الإلهي “خليفة الله” لم يقل إنّ سر إعجاز القرآن يكمن في بلاغته ولغته ليقال إنّ القرآن كتاب عنصري ولا يدرك جهة إعجازه إلا العرب فقط !
.
الدين الإلهي “خليفة الله” لم يقل إنّ السارق تقطع يده من المعصم أو من أصول الأصابع ليقال إنّ الإسلام دين بعيد عن الرحمة والعقوبة فيه أشد من الجريمة نفسها !
.
الدين الإلهي “خليفة الله” لم يقل إنّ المرأة ناقصة عقل ودين، أو يسمح بضربها أو الانتقاص منها، أو يفرض لبس الحجاب عليها بالقوة، ليقال إنّ الإسلام امتهن المرأة وانتقص من قدرها وسلب إرادتها حيال فروضه !
.
الدين الإلهي “خليفة الله” لم يقل إنّ الأرض ساكنة ومسطحة ولا أنه أنكر نظرية التطور الهادف للإنسان والكون عموماً – والذي يكشف بالنهاية عن وجود المسبِّب الأول “الله” – ليقال إنّ الأرض متحركة وكروية وصوّرت وهي تدور، وليقال إنّ الدين يخالف الحقائق العلمية الثابتة والمبرهن عليها بالدليل القاطع !
.
وهكذا…
x

‎قد يُعجبك أيضاً

????Dabble Assessment 2023 – Everything You Have To Find Out About This! ????

Dabble has taken a brand new development in online dating background by significant matchmaking. Obtained ...