(22)
• مثال 1: يقول بعض المشككين عن الآية: “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَذَانٌ لاَ يَسْمَعُون بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” الأعراف: 179، أنّ فيها خطأً علمياً بزعم أنّ القلب لا يفكر ولا يفقه “يفهم”، وما يُجمع عليه العلم في أيامنا هذه أنّ الدماغ هو من يفكر!
الجواب: ليس المقصود بالقلب في الآية العضو العضلي الذي يضخ الدم للجسد ويرتبط به من خلال الأوعية والشرايين، وإنما المقصود هو النفس والروح الإنسانية، فهي موضع التفكّر والتذكّر والوعي عموماً. وطالما أنّ القرآن نزل بلغة العرب فهم كثيراً ما يصفون إنساناً بأنه طيّب القلب ويقصدون بذلك روحه ونفسه.
الوعي والإدراك وكذلك التفكير باعتباره عملية عقلية واعية لدى (الإنسان = الكائن الذكي)، وبالرغم من أهمية هذه الخاصية التي تميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية الأخرى، لكن الملفت أنّ علماء الأحياء التطورية لم يحسموا – في دراساتهم القليلة نسبياً – مسألة رجوع الوعي إلى جنبة بيولوجية تطورية في الإنسان، وكمثال لهذه الدراسات: النموذج الذي تم طرحه في العقد الأخير والمعروف بـ “مخطط الانتباه “AST” Attention Schema Theory”، وهو نموذج يفترض واضعوه أنّ الوعي هو نتيجة تتابع تطوري قام به الدماغ لحل مشكلة أساسية تواجه الجهاز العصبي؛ وهي مشكلة المعالجة المركزية لتدفق كمية هائلة من المعلومات. لكن هذا النموذج يبقى – على كل حال – مجرد فرضية لم يثبت صحتها بعد.
هذا البحث المتقدم إن لم يكن كافياً لإثبات وجود النفس أو الروح الإنسانية، فمن المؤكد أنه يجعل كل عاقل يتساءل عن مدى واقعية أن يكون وجودنا محصوراً بهذا الكون فقط وأننا مجرد أجسام خلقت من مادة هذا الكون، ألا يمكن أن تكون تلك الأكوان المتعددة ألطف من هذا الكون وجسيماتها أدق من جسيمات المادة والطاقة التي في كوننا بحيث إنها تسمح بالانتقال بسرعة أكبر من سرعة الضوء التي تتحرك بها جسيمات الطاقة أو الفوتونات في هذا الكون، ألا يمكن أن يكون كوننا والحال هذه مجرد وجود شبحي لكون أرقى منه؟!) أحمد الحسن، وهم الإلحاد – الفصل السادس.