الرئيسية / غير مصنف / 23- دفاعاً عن القرآن والناطق به محمد (ص) – د. علاء السالم

23- دفاعاً عن القرآن والناطق به محمد (ص) – د. علاء السالم

(23)

• مثال 2: يقول بعض المشككين عن الآية “إنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ …” الأعراف: 54، أنّ فيها خطأً علمياً؛ إذ لم يُخلق الكون في ستة أيام حتى لو كان اليوم بألف سنة!

الجواب: أعتقد إنّ مثل هذه الإشكالات هي إلى العبث أقرب منها إلى الاشكال الفعلي والحقيقي، فمعلوم لدى كل باحث أنّ كل جهة علمية كانت أو دينية أو سياسية… إلخ، لها طريقتها في الكلام والتعبير عن مرادها ومراميها، فمن السفه مثلاً أن يأتي طالب علوم عسكرية ويُحاكم لفظ “الجيب، الجيب تمام” الرياضي على ضوء معناه العسكري الذي درسه!

حال المشكك هو هكذا بالضبط، كان يُفترض به أن يعرف أنّ لفظ “اليوم” دينياً يطلق ولا يراد به بالضرورة الوقت المكوّن من “24 ساعة” أو “ألف عام” بحسب أيام الآخرة، فمثلاً: النصوص الدينية ذكرت لفظ “يوم” وأرادت به عالم بأكمله: “أيام الله ثلاثة: يوم القائم، ويوم الكرّة، ويوم الآخرة” كما يقول الإمام الصادق (ع)، ويقصد باليوم هنا عالم الدنيا وعالم الرجعة وعالم الآخرة. وأيضاً: بعض النصوص قسّمت دهر الإنسان كله إلى يومين: “الدهر يومان: فيوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فلا تحزن، فبكليهما ستختبر” كما يقول الإمام علي (ع)، … وهكذا.

وبخصوص الآية – محل البحث – فالمقصود باليوم فيها مرحلة لا دخل للزمن فيها أصلاً أي مرحلة غير زمنية؛ باعتبار أنّ الزمان – وكذا الأبعاد المكانية الثلاثة – من مختصات كوننا وعالمنا الجسماني الذي نحن فيه لا غير، بل إنّ هذه الأبعاد الأربعة لم تكن موجودة في كوننا هذا في لحظة بدايته ونشوئه، فبحسب علماء الفيزياء الكونية فإنّ “المفردة” التي حصل لها الانفجار العظيم قبل 13.7 مليار سنة لا وجود لبعدي الزمان والمكان فيها أصلاً، وبعض الفيزيائيين – مثل هوكنج – اعتبر الزمان بعد مكانياً رابعاً في فترة الكون المبكر.

يقول: (في الكون المبكر – عندما كان الكون صغيراً بما يكفي لتحكمه كل من النسبية العامة ونظرية الكم – كان هناك فعلياً أربعة أبعاد للمكان ولا واحد للزمن. وهذا يعني أننا عندما نتكلم عن “بداية” الكون، نتجنب الموضوع المبهم وهو أننا عند النظر للخلف باتجاه الكون المبكر جداً، فإنّ الزمن كما نعرفه لم يكن موجوداً) هوكنج، التصميم العظيم: 164.

وعموماً، بالنسبة للزمان لا شك أنه من مختصات عالمنا وكوننا الذي نحن فيه، وبالتالي فالمقصود بـ “ستة أيام” في الآية أنّ الله سبحانه خلق السماوات والأرض في ستة مراحل غير زمنية؛ لافتقار المخلوق وحاجته إليها، يقول السيد أحمد الحسن في جواب مفصّل عن خلق السماوات والأرض، هذا مقطع منه:

(…….. أما الأيام الستة للخلق: فهي ليست أياماً بمعنى مدة زمنية، بل هي مراحل، أي في ست مراحل، وهي ضرورية ولابد منها، فلابد في المرحلة الأولى من خلق النور وأمره، ثم الملكوت وأمره، ثم الأجسام وأقواتها؛ لاعتماد كل مرحلة على المرحلة التي سبقتها. فهذه المراحل الستة حتمية، أي لابد من اليوم الأول “المرحلة الأولى” أن تُخلق السماء السابعة، وفي اليوم الثاني “المرحلة الثانية” يـُخلق أمرها؛ لأن أمرها منها خُلق، فلابد أن يتأخر عنها مرحلة، ثم يُخلق منها ومن أمرها المثال “الملكوت” السماوات الست إلى الأولى “وهي نهاية السماء الدنيا”، ثم يخلق في الملكوت أمره؛ لأنه منه خلق، ففي اليوم الثالث الملكوت، وفي الرابع أمره لاعتماد الملكوت على خلق السابعة “اليوم الأول” وأمرها “اليوم الثاني”، فيتحتم خلق الملكوت في المرحلة الثالثة، ثم أمره في الرابعة؛ لاعتماده عليه ولأنه خلق منه. وهكذا اليوم الخامس والسادس، أي خلق عالم الأجسام أو الكون الجسماني، أو الأرض “بمعناها الأوسع” حيث تشمل الأرض التي نحن عليها وكل الكواكب والشموس، ثم يخلق فيه قوته؛ لأنه منه خلق. فالنبات من الأرض خلق وعليها ينبت، والحيوان من الأرض خلق وعليها يعيش ويقتات.
وهذه الستة أيام أو الست مراحل حتمية ويحتاجها الخلق بترتيبها، فالداني يحتاج العالي ويفتقر إليه، ………..) أحمد الحسن، المتشابهات – جواب سؤال 175.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

“Expire Besten Boni 202

“Expire Besten Boni 2024 Vulkan Vegas Promo Signal Oktober 2024: A Hundred And Twenty-five Freispiele ...